لماذا التعلم السريع؟ هل له نتائج مؤكدة؟ كلما تكلمنا عن التعلم السريع في السنوات الأربعة السابقة كان السؤال الذي يُطرح بقوة وبشكل متكرر: هل هناك أبحاث، أو دراسات أو أي شيء يثبت فعالية التعلم السريع؟ وأعتقد أنك تتفق معي على ضرورة أن نحتاج إلى أدلة واقعية تثبت جدارته، وسنعرض عدة مقالات فيها أدلة من دراسات وتجارب بداية من أبحاث لوزانوف ثم روسيا ثم هنغاريا ثم الولايات المتحدة وأخيراً من دمشق والدوحة وجدة ومراكش والخرطوم.

لوزانوف في صوفيافي عام 1967 قام 416 طالب في جامعة صوفيا بتعلم 1600 كلمة باللغة الفرنسية خلال 23 يوم دراسي (على أن يُمضوا 45 دقيقة في اليوم الواحد)، التذكر الصحيح للكلمة من قبل الطالب يعني أنه يتوجب على الطالب تذكر معنى كل كلمة قد تعلمها وأن يكون قادراً على استخدامها داخل جملة بشكل صحيح.

كانت النتائج:

  • 12 % من المتعلمين قد تعلموا الكلمات بنسبة تذكر صحيح مقدارها 50 % إلى 85 %
  • وأن 88 % من المتعلمين قد تعلموا الكلمات بنسبة تذكر صحيح مقدارها 86 % فما فوق.  
  • وكان معدل التذكر الصحيح للكلمات التي حفظها المتعلمون كان 93 %

يكافئ هذا الإنجاز اكتساب ما يزيد عن 1400 مصطلح قابل للاستخدام خلال شهر واحد. ولوضع ذلك في السياق، نجد أن الطالب الواحد قد تعلم بالمعدل 61 كلمة خلال درس مدته 45 دقيقة، وذلك ضمن المنهاج الدراسي المعتاد. ومن الجدير ذكره أن المعلم بيرلتز، وهو أكبر معلم للغات الأجنبية في العالم، قد اكتسب 200 كلمة خلال 30 ساعة بمعدل 7 كلمات في الساعة الواحدة!

لكن هل يدوم هذا التعلم؟

فهناك من يقول: "الشيء الذي تحصل عليه بسهولة" هو "الشيء الذي تفقده بسهولة"، فهل كل ما تتعلمه بسهولة ستنساه بسهولة؟ على أي حال، فقد أظهر لوزانوف، بعيداً عن المتعلمين الذين قد نسوا ما قد تعلموه باستخدام تقنيات التعلم السريع، أن ذاكرة المتعلمين القوية المكتسبة من خلال التعلم السريع، قد أثبتت قدرتها على الاحتفاظ بشكل أكبر بالمصطلحات (ديمومة أطول!) بما يعرف طبياً بـ "هايبرأمنيسيا.

أظهرت الفحوصات التي تم إجراؤها بعد فترة قصيرة أن نسبة التذكر الصحيح للمصطلحات قد انخفضت من 93 % إلى 88 %. فعندما تم إجراء اختبارات متابعة لنسبة معينة من نفس المتعلمين الذين أجريت عليهم الدراسة، كانت النتائج كما يلي:

  • نسبة التذكر الصحيح الأصلية: 93 %
  • بعد 6 شهور: 88 %
  • بعد 9 شهور: 85 %
  • بعد 12 شهر: 67 % (79 %).

الرقم الظاهر بين الأقواس يدل على نسبة التذكر الصحيح لمجموعة فرعية قد أعطيت فرصة واحدة لمراجعة المصطلحات قبل الاختبار.

وباستخدام منحنى إبينغاوس للنسيان، بإمكاننا توقع أن نسبة التذكر الصحيح للمادة التي تم حفظها باستخدام التعليم التقليدي قد تنخفض لحوالي 20 % بعد مرور 12 شهراً على حفظها.

وبالمقارنة فإن لغة لوزانوف المتعلمة سجلت نسبة تذكر صحيح للمصطلحات 67 % أي بفاعلية تقارب 3 أضعاف.

النتيجة: لقد أقام مركز دبي للتعلم السريع الكثير من الدورات في التعلم السريع في السنوات الستة الأخيرة وعلى نطاق واسع، في سوريا والإمارات العربية والمملكة المغربية والسودان وقطر والمملكة العربية السعودية والمملكة الأردنية الهاشمية وسلطنة عمان، ولقد انتشر الكثير من ممارسي التعلم السريع في التطبيق، ولقد تحدثنا مع عدد كبير منهم حول النتائج من التعلم السريع فكانت جميع آرائهم ووجهات نظرهم متشابهة: "التعلم السريع هو طريقة تعليمية ذات قيمة وأهمية عظيمة". يقول يوسف دوارة وهو مدرب بارع في مجاله: "إنه شيء عظيم أن تساعد القسم الأكبر من المتعلمين على تحقيق النتائج التي عادة ما يحققها القسم الأقل من المتعلمين والذين نطلق عليهم لقب العباقرة".

كل شخص تحدثنا إليه اعترف بالدور الرئيسي الذي قام به الدكتور لوزانوف، لكنهم كانوا متفقين بالإجماع أن التعلم السريع قد تطور بشكل أكبر وأبعد من الطرق التي تخص شخصاً واحداً بعينه. التعلم السريع هو الآن حركة، حركة يساهم بها الآن الآلاف من المعلمين المحترفين وعلماء النفس التعليمي حول العالم، وفي عالمنا العربي أيضاً. إنها نمط من التعليم الذي يستمر في التطور ولقد تميزنا في كتاب "التعلم الطبيعي – التعلم السريع" ليس فقط من أجل أن نجعلك تصل إلى "حالة من الفن والإبداع" وإنما لنجعل هذا الفن والإبداع جزءاً من حياتك الشخصية.

 

الدكتور محمد ابراهيم بدرة

دار إيلاف ترين للنشر، كتاب التعلم الطبيعي، النسخة الأولى، المؤلف الدكتور محمد ابراهيم بدرة، 2012.