لماذا التعلم السريع؟ هل له نتائج مؤكدة؟ كلما تكلمنا عن التعلم السريع في السنوات الأربعة السابقة كان السؤال الذي يُطرح بقوة وبشكل متكرر: هل هناك أبحاث، أو دراسات أو أي شيء يثبت فعالية التعلم السريع؟ وأعتقد أنك تتفق معي على ضرورة أن نحتاج إلى أدلة واقعية تثبت جدارته، وسنعرض عدة مقالات فيها أدلة من دراسات وتجارب بداية من أبحاث لوزانوف ثم روسيا ثم هنغاريا ثم الولايات المتحدة وأخيراً من دمشق والدوحة وجدة ومراكش والخرطوم.

 جامعة ولاية آيوا: منذ أن بدأت المعلومات المتعلقة بالتعلم السريع بالانتشار في أواخر السبعينات وأوائل الثمانينات، قرر المربون في الولايات المتحدة محفزين بزيادة معدلات التعليم 3 وحتى 7 أضعاف أن يختبروا تقنيات التعلم السريع. بدأت مراكز الدراسات المتعلقة بهذا الموضوع بالتشكل ومنها ما كان يهتم بالأمور التي تخص الناحية العضوية في جسم الإنسان كالدماغ والتي لها علاقة بالتعلم السريع. تعتبر جامعة ولاية آيوا إحدى المناطق ذات التأثير المبكر، وهي أيضاً موطن عالم النفس السريري الدكتور دون سكوستر، بروفسور في علم النفس في الجامعة. في البداية كانت أبحاثه تعتمد على التجربة بشكل كبير. لم تكن لديه أي فكرة فيما إذا كان أي عنصر واحد هو المفتاح الرئيسي أم لا، وكما نعلم حالياً، فيما إذا كانت مجموعة جوهرية ومنسجمة من العديد من العناصر هي تلك التي ينتج عنها التعلم السريع.

 ولذلك، فقد ركزت أولى تجاربه على الاسترخاء، فقد تم تعليم المتعلمين أساليب الاسترخاء الشبيهة باليوجا، وبعد ذلك تم إدخال العنصر الموسيقي الكلاسيكي ببساطة أثناء الدروس مستخدمين الكتب الاعتيادية، وكانت اللغة الإسبانية هي الموضوع. تم إجراء الاختبار وقام سكوستر بتأسيس جمعية التعليم والتعلم[1] السريع[2].

 سجل سكوستر زيادة بمقدار ثلاثة مرات لسرعة التعليم خلال اختباره الأول مما دفع إدارة الولاية لدعمه لإجراء المزيد من الأبحاث والتطوير، ثم بدأ بعد ذلك بتوحيد جميع عناصر تقنيات التعلم السريع لإنتاج دورة ناجحة لتعليم اللغة في الجامعة. 

 شجعت النتائج التي حصلت عليها جامعة ولاية آيوا كلاً من المعلم ديس موينس، كارلس جريتون على إجراء تجارب لتعليم الرياضيات مستخدمين نفس التقنيات. كما قام أيضاً معلمون آخرون من جورجيا وهما ألين بريتشارد وجين تايلور بتطبيق تقنيات التعلم السريع على أطفال المدارس الابتدائية الذين يعانون من مشاكل بطء القراءة. استطاع التلاميذ أن ينجزوا مهمة عام كامل في القراءة خلال 14 أسبوعاً فقط. وكلما انتشر الخبر، كلما بدأت العديد من المشاريع بالظهور.

 مشروع مدرسة الجنة الموحدة

في العام 1982، قام عالم النفس روي أبليغت، في مدينته ذات الاسم الطريف "الجنة" في كاليفورنيا، بتقديم طلب لحكومة الولايات المتحدة من أجل تطبيق تقنيات التعلم السريع لتعليم الأطفال في المدارس من الصف الثاني إلى الصف السادس والذين تتراوح أعمارهم من ستة إلى عشر سنوات. شمل الاختبار 850 طالباً و33 معلماً خلال فترة استمرت لعامين كاملين. وأظهرت النتائج ما يلي:

  • زيادة دراماتيكية في معدلات تعلم المتعلمين في القراءة، الرياضيات، التهجئة، والكتابة.
  • تحسن ملحوظ في السلوك داخل القاعة الصفية.
  • اكتسب المتعلمون الذين خضعوا للتعلم السريع ما يقارب ضعفي ما اكتسبه زملاءهم في "المجموعات التي خضعت للتعليم التقليدي".
  • معلمو المشاريع استمروا (وبعد عامين من استخدام الطريقة) بإظهار مستويات عالية من الثقة والتحكم في القاعة الصفية.

حقيقةً أظهرت هذه الدراسة زيادة ضعفين في سرعة التعلم، بينما أظهرت الاختبارات على البالغين زيادة ثلاثة أضعاف على الأقل[3].

 النتيجة: لقد أقام مركز دبي للتعلم السريع الكثير من الدورات في التعلم السريع في السنوات الستة الأخيرة وعلى نطاق واسع، في سوريا والإمارات العربية والمملكة المغربية والسودان وقطر والمملكة العربية السعودية والمملكة الأردنية الهاشمية وسلطنة عمان، ولقد انتشر الكثير من ممارسي التعلم السريع في التطبيق، ولقد تحدثنا مع عدد كبير منهم حول النتائج من التعلم السريع فكانت جميع آرائهم ووجهات نظرهم متشابهة: "التعلم السريع هو طريقة تعليمية ذات قيمة وأهمية عظيمة". يقول يوسف دوارة وهو مدرب بارع في مجاله: "إنه شيء عظيم أن تساعد القسم الأكبر من المتعلمين على تحقيق النتائج التي عادة ما يحققها القسم الأقل من المتعلمين والذين نطلق عليهم لقب العباقرة".

 كل شخص تحدثنا إليه اعترف بالدور الرئيسي الذي قام به الدكتور لوزانوف، لكنهم كانوا متفقين بالإجماع أن التعلم السريع قد تطور بشكل أكبر وأبعد من الطرق التي تخص شخصاً واحداً بعينه. التعلم السريع هو الآن حركة، حركة يساهم بها الآن الآلاف من المعلمين المحترفين وعلماء النفس التعليمي حول العالم، وفي عالمنا العربي أيضاً. إنها نمط من التعليم الذي يستمر في التطور ولقد تميزنا في كتاب "التعلم الطبيعي – التعلم السريع" ليس فقط من أجل أن نجعلك تصل إلى "حالة من الفن والإبداع" وإنما لنجعل هذا الفن والإبداع جزءاً من حياتك الشخصية.

 

الدكتور محمد ابراهيم بدرة

دار إيلاف ترين للنشر، كتاب التعلم الطبيعي، النسخة الأولى، المؤلف الدكتور محمد ابراهيم بدرة، 2012.

[1] SALT: Society for Accelerated Learning and Teaching.

[2]  تم تأسيس جمعية التعليم والتعلم السريع من قبل البروفسور الدكتور سكوستر في جامعة ولاية آيوا. وهي جمعية تضم الأشخاص الجامعيين المعنيين بالأبحاث التعليمية والنفسية جنباً إلى جنب مع المعلمين المحترفين. يشارك أعضاء هذه الجمعية في تقديم تقنيات التعلم السريع لأنظمة المدارس والكليات. لدى هذه الجمعية أعضاء في 20 دولة وكما تعقد الإدارة التنظيمية للجمعية مؤتمراً سنوياً كل عام. المؤتمر السنوي التاسع عام 1984 تم عقده في هيوستن في الولايات المتحدة وحضره المئات من المختصين في هذا المجال، وتم عقد المؤتمر العاشر في واشنطن في أيار من العام 1985. في شهر أيار من العام 1984 تم عقد المؤتمر السنوي لجمعية التعليم والتعلم السريع الأوروبية في ستوكهولم في السويد، بهدف مراجعة عملية تقدم أهداف هذه الجمعية في أوروبا. تم عقد مؤتمر آخر في أوروبا في لندن في أيار من العام 1985، تحت رعاية SEAL.

 

[3]  خلال الدراسة التي أجريت في مدرسة الجنة، كانت أعمار المتعلمين تتراوح بين 6 – 10 أعوام والتي هي على أي حال الأعمار التي يكون فيها تعلم الطفل أسرع ما يمكن.


د. محمد ابراهيم بدره