يتطلَّب نهج التعلُّم السريع علاقة جديدة مع المُتدرِّبين (المشاركين) حيث يكون المُدرِّب (مسهّل التعلُّم) أحد مصادر المعلومات لا المصدر الوحيد ولكن الأهم من ذلك أن يكون ميسراً لعمليَّة التعلُّم والاكتشاف والنشاط لدى المُتدرِّبين لا ملقناً لهم.

لماذا نستخدم تعبير مُسهّل/ميسّر للتعلُّم؟

نستخدم في التعلُّم السريع تعبير مسهّل/ ميسّر عوضاً من مُدرِّب ، وكما يوحي التعبير فإن دور مسهّل التعلُّم هو أن ييسّر لأفراد المجوعة أن يولّدوا التعلُّم الخاص بهم أو أن يمكنهم من عمل ذلك وهو يقوم بذلك من خلال مساندتهم في تحديد اهتماماتهم وفي التأمّل في خبراتهم ويشارك فيها وفي ابتكار الحلول المناسبة لهم ولواقعهم، كما نلاحظ تبتعد هذه العلاقة عن العلاقة التقليديَّة بين المُدرِّب والمُتدرِّب والتي يتم التشديد فيها على اعتماد التلقين أو على إعطاء المعلومات.

تبادل الأدوار بين مسهّل التعلُّم وبين المشاركين

إن إحدى السّمات الأساسيَّة لعمليَّة التعلُّم السريع هي ضبابية الحد بين مسهّل التعلُّم والمُتعلِّم

فالمشاركون كثيراً ما يختارون دور مسهّل التعلُّم ،في حين يصبح مسهّل التعلُّم مشاركاً في عمليَّة التعلُّم من المهم أن يمتلك مسهّل التعلُّم فكرة واضحة عما يريد أن يستخرجه من المشاركين وعن الرسائل التي يريد أن يوصلها إليهم أو أن يعززها لديهم.

إن دور مسهّل التعلُّم أيضاً أن يوفر المعلومات الجديدة للمشاركين وأن يضمن انسياب المسار التعلُّمي بسلاسة.

وأحياناً يلزم أن يتنحى مسهّل التعلُّم جانباً وأن يترك للمشاركين القيادة في تحديد ما يريدون تعلمه وفي تنفيذ وتقويم المسار التعلُّمي، ومن المهم أن ينظر مسهّل التعلُّم إلى نفسه كمتعلّم أيضاً يشارك في المناقشات والأنشطة ويصغي إلى آراء وخبرات المشاركين الآخرين ويصقل مهاراته ويطور فهمه للمسائل المطروحة.

إنَّ من شأن عمليَّة التعلُّم الديناميّة هذه أن تشحن المُتعلِّم أياً كان دوره بالقوة وتنمي مهاراته وطاقاته ولقد أثبتت خبراتنا في العالم العربي أن إشراك الناس في تخطيط وتيسير أنشطة ورشات العمل يشكل لديهم الحس بالملكية الجماعية للتدريب ويوفر دعما كبيرا للمُدرِّبين الجدد.

ما دور مسهّل التعلُّم؟

بناء أجواء تعلميَّة آمنة: إن المسؤوليَّة الأساسيَّة لِمُسَهّل التعلُّم هي بناء أجواء تعلميَّة آمنة تسهّل المشاركة التامة للجميع وهذا يتطلَّب أن يمتلك مسهّل التعلُّم عددا من المهارات وأن يضع بالاتفاق مع المشاركين قواعد عمل واضحة في الورشة أو في الدورة من شأنها أن تدعم المسار التشاركي ونورد على المثال الامتناع عن مقاطعة المُتحدِّث وغيرها من القواعد.

تقدير حاجات المشاركين وتخطيط برنامج التدريب: يتولى مسهّل التعلُّم تعريف خبرات المشاركات والمشاركين وتحديد حاجاتهم بالمشاورة معهم وقد يشمل ذلك مساعدتهم على أن يتأملوا قيمهم ومواقفهم وأن يتحدوا أحيانا معتقداتهم الخاصة، ويقترح مسهّل التعلُّم أيضاً جدول أعمال البرنامج التدريبي بمشاورته مع المشاركين الذين يجب أن يؤدوا دوراً فاعلاً في تخطيط البرنامج وفي إقرار أية تغييرات تطرأ عليه خلال الورشة أو الدورة.

توفير موارد المعرفة والمعلومات: قد يكون من الضروري تزويد المشاركين بالمعلومات النظريَّة بهدف توسيع وتعميق معلوماتهم أو بهدف إعداد إطار نظري للمناقشة من المهم أن يعد مسهّل التعلُّم هذه المعلومات مُسبَقاً على الرغم من أنه كثيراً ما تنبع الحاجة إلى معلومات مُحدَّدة في أثناء عمل الورشة أو الدورة.

القرار بشأن كيفيَّة التقدُّم في الورشة: أحياناً على مسهّل التعلُّم أن يُقرِّر إذا ما كانت سيكمل العمل على موضوعٍ معين أو سيتوسع فيه إذا لمس لدى المشاركين نقصا في المفاهيم الأساسيَّة أو في الخلفية اللازمة من أجل تنفيذ النشاط، ويشجع مسهّل التعلُّم المشاركين على أن يتفاعلوا ويطرحوا المردود المفيد وذلك بأن يضمن حصول كل مشارك ومشاركة على فرص للتعبير عن الرأي كل بطريقته الخاصة.

إدارة الوقت: من مهام مسهّل التعلُّم أن يشجعُ على النقاش المثري والعميق مع تفادي (انزلاق) النقاش داخل دائرة الوقت المتفق عليها،ولا شك في أن هذه العمليَّة شاقة بعض الشيء خاصةً إذا اتسع النقاش واحتد، ويسهل على مسهّل التعلُّم أن يضبط الوقت إذا ساعد المشاركات والمشاركين على التزام موضوع النقاش والامتناع عن الاستطراد في مواضيع أخرى جانبية، لهذا الغرض قد يفيد وجود ميسّر أو ميسّرة لعمل كل مجموعة صغيرة .

تمكين المجموعة من الوصول إلى استنتاجات مرضية: يتطلَّب ذلك من مسهّل التعلُّم أن يُوضِّح المسائل الملتبسة وأن يجمع سيل الأفكار الذي كثيراً ما يتدفق إلى نواح أو يتطرق إلى مواضيع عدة أو يتراكم في نقاش (حامي الوطيس).

التوثيق: من مهام مسهّل التعلُّم أن ينظم كتابة تقارير الورشة بما فيها توثيق القرارات التي أجمع عليها المشاركون والمشاركات إن عمليَّة التوثيق مهمة للغاية إذ إنها تسهل متابعة نشاط المشاركين واستدامته وتتيح المساءلة عن المتابعة وعن متابعة الإجراءات التي قرر المشاركون تنفيذها بعد الورشة.

هل يمكن أن يكون أكثر من مسهّل تعلّم واحد للمجموعة؟

من الشائع أن يعمل أكثر من مسهّل تعلّم واحد مع مجموعة المشاركين في الورشة أو في المؤتمر ويمكن أن يكون التشارك في تيسير الجلسة مثيرا للإبداع ومسانداً للميسرين خاصة إذا كانوا أصحاب خلفيات مختلفة أكاديمية مثلاً وأخرى تتصل بالعمل المباشر مع الناس إن هذا النوع من الشراكة يمكن أن يضمن توازناً جيداً في وجهات النظر خلال النقاش أو خلال تنفيذ الأنشطة ولكن من المهم جدا أن يحدد مسهّلو التعلُّم نقاط القوة ونقاط الضعف لدى كل منهم وان يوزعوا المهام بناء عليها وذلك من اجل تفادي حدوث بلبلة أو نزاع.

ما المهارات التي يحتاج إليها مسهّل التعلُّم؟

من المهم أن نتذكر أن تطوير مهارات تسهيل أو تيسر جيدة أمر يحتاج إلى وقت والى خبرة ناهيك عن أن نهج التعلُّم السريع يضع مسهّل التعلُّم أمام تحديات جدية مثل المرونة والانفتاح والاستعداد لينزع مسهّل التعلُّم عن نفسه الكثير مما تعلمه من قبل. وليس مسهّل التعلُّم بخبير يمتلك مفاتيح الإجابة عن جميع الأسئلة ولا عيب في أن يجهل الواحد منا الإجابة عن بعض الأسئلة فالتحدي هو أن نقرّ بعدم معرفتنا وأن نبحث معاً عن الإجابات مع المجموعة وأن نقبل عدم توافر إجابة صحيحة واحدة في كثيرٍ من الأحيان.

فمسهّل التعلُّم الجيد هو الذي يطوِّر لديه المهارات اللازمة من اجل بناء شراكة إيجابيَّة في التعلُّم مع المشاركين وهذه المهارات تشمل:

  • التعامل بثقة واحترام مع خبرة وأفكار كل فرد من أفراد المجموعة.
  • تعزيز المهارات الذاتيَّة لديهم ومهارات التواصل الجيد مثل مهارات الإصغاء والتعبير عن الذات والمبادرة والحزم.
  • احترام الفروقات بين الأشخاص في الحاجات وفي معرفة القراءة والكتابة وتوفير الطرائق لمساندتهم.
  • تشجيع المشاركين والمشاركات على أن يولى بعضهم بعضاً اهتماماً جيداً.
  • القدرة على التعامل مع الصراعات داخل المجموعة بعناية واهتمام لكن بحزم.

يتبيَّن لنا مما سبق أن التعلُّم السريع يستند إلى علاقة الشراكة بين المُدرِّب (الذي يصبح الميسّر) وبين المُتدرِّب (الذي يصبح المشارك) وبهذا يكون هذا النهج قد تحدى العلاقة الهرمية التقليديَّة بين المُدرِّب وبين المُتدرِّب فأصبح فيها الاثنان قادرين على تبادل الأدوار خلال جلسة التدريب فالميسر يتعلَّم مما يأتي به المشارك إلى الجلسة والمشارك يستخدم خبراته ومعارفه من أجل تيسير عمليَّة التعلُّم لدى زملائه.

المراجع

  • رزمة المنشط في العمل مع الأطفال والناشئة من الفتيان والفتيات – الكتاب الأول
  • الكبار والصغار يتعلَّمون – الجزء الأول: المفاهيم والمبادئ