إن العمل في مجموعات، هي إحدى طرائق التعلُّم الناشط وأحد أساليبهُ وليست الطريقة الوحيدة، لذلك يجب علينا التنويع في هذه الطرائق والأساليب في عروضنا وتدريبنا، لأن الأسلوب مهما كان جميلاً فإنه يفقد جاذبيته إذا تكرر إستخدامهُ مرات عدّة.

العمل في مجموعات:

الأفكار الأساسيَّة:

إن المشاركة والتعاون مبدآن رئيسان في نهج التعلُّم النشط، ومن هنا جاءت أهمية أن يفهم المنشطون كيفيَّة تكوين المجموعات، وكيفيَّة تحفيز المشاركين على العمل في هذه المجموعات. فبطريقة مبدأي المشاركة والتعاون يتعلَّم المشاركون الكثير عن العمل في مجموعات فالمناقشات والحوارات وتبادل الخبرات داخل هذه المجموعات تجعل المشاركين يقارنون بين الأفكار القديمة والأفكار الجديدة التي اكتسبوها مؤخراً. ويُفكِّرون في كيفيَّة الاستفادة من هذه الأفكار. ومن هنا تأتي أهمية تنظيم العمل في مجموعات والتخطيط له تخطيطاً سليماً.

حجم المجموعة:

إن مناقشة بعض المواضيع أو الأهداف العامة يمكن أن تتم داخل غرفة الصف (الدرس) أو في نادٍ أو في القاعة التدريبيَّة والمقصود (المجموعة الكبيرة) لكن مناقشة المهام وتفاصيل الإجراءات يجب أن تتم في مجموعات صغيرة.

  • يجب ألّا تتجاوز المجموعة الصغيرة سبعة مشاركين على الأكثر. يجلسون بحيث يرى بعضهم بعضاً (حول طاولة أو على الأرض مثلا، أو على الكراسي في شكل دائرة…الخ).
  • تحتاج كل مجموعة إلى ميسّر ينظّم إيقاع العمل فيها وإلى موثق لكتابة ما توصَّلت إليه المجموعة.

تشكيل المجموعات:

يمكن أن يجري تشكيل المجموعات بطرائق عدة مثل:

  • الاختيار الحر: كل مجموعة تختار أعضاءها.
  • طريقة التصنيف: باستخدام رموز مُتعدِّدة كالأرقام أو أسماء الحيوانات والخضار والألوان وما شابه. (مثلا يختار مشارك رقماً مثل 1..2..3 أو 4، ثم يشكل المشاركون الذين اختاروا الرقم (1) المجموعة الأولى معاً، ويشكل المشاركون الذين اختاروا الرقم (2) المجموعة الثانية، وهكذا).
  • اختيار مخطط: يقترح المنشّط تشكيلات مُحدَّدة لضمان التنويع في القدرات أو الاهتمامات في المجموعة الواحدة.
     

بلورة المجموعة:

من المهم أن تتوافر داخل المجموعة أجواء مريحة تمنح المشاركين شعورا بالثقة والعمل الجماعي. ولتسهيل ذلك يمكن:اختيار شعار أو رمز ( جملة أو أغنية أو رسمة) تلتف حوله المجموعة.

  • توزيع المهام بين أفراد المجموعة والتأكُّد من وضوحها.
  • الاتفاق على قواعد تنظيم عمل المجموعة وإتاحة الحوار والاختبار الديمقراطي.

من هذه القواعد :أهمية الإصغاء إلى الآخرين واحترام أرائهم وأدوارهم في الحديث .

  • النقد الايجابي والابتعاد عن التجريح الشخصي .
  • قواعد أخرى ترى المجموعة أهمية الحفاظ عليها.
  • قد يشعر البعض بالخجل من التحدُّث أمام مجموعة، فيمكننا عندها أن نطلب مناقشة الموضوع في أزواج أولاً ومن ثم في مجموعات أكبر.

أهداف المناقشة في المجموعة:

  • كي نخرج بأكبر فائدة من مناقشة موضوع. من المهم أن نحدد أولا أهداف المناقشة. لذا يجب أن يدرك كل فرد في المجموعة، بوضوح، ما هو متوقع منه، ويُفضَّل أن تكون هذه التوقعات مكتوبة حتى لا يُترك مجالٌ للخلط.
  • قد يكون الموضوع عاماً جداً مثل :كيف يمكننا أن نلعب مع الأطفال الرضع في المنازل؟ أو مُحدَّداً مثل ما المطلوب من أجل إعداد قائمة بأربع طرائق وإجراءات تجعل من منزلنا منزلاً آمناً؟ ففي الحالتين السابقتين يجب أن يكون هدف المناقشة واضحاً، حتى يستطيع الأطفال أو الفتيان انجاز المطلوب منهم ويتجنَّبوا الاستطراد في مناقشة مواضيع فرعيَّة أو مواضيع أخرى لا علاقة لها بهدف المناقشة.

توثيق عمل المجموعة: 

  • من المفيد أن تقوم كل مجموعة بتلخيص سير العمل فيها. وإدراج أهم النقاط التي خلصت إليها المناقشة. وذلك بهدف عرضها أمام المجموعات الأخرى. ويقوم بهذا العرض أحد أفراد المجموعة الذي تم اختياره في بداية عمل المجموعة للقيام بدور الموثق (أو من يتطوع لعمل ذلك).
  • يجب أن تتوافق المجموعة على مضمون التقرير الذي سيقدمه الموثق أو مشارك آخر من أفراد المجموعة.
  • قد يكون التوثيق كتابيا أو باستخدام الرسومات والصور الفوتوغرافية أو الشفافيات فضلا عن التمثيل وغيرها.
  • إن عرض نتائج عمل المجموعة في جلسة مشتركة فرصة لتشجيع المشاركين على ابتكار أساليب توثيقية جذابة وواضحة، والتدرب على التوصُّل إلى أفكار مشتركة وطرحها علنا.
     

العمل الجماعي :حسنات ومطبّات:

حسنات:

إن حسنات العمل في مجموعات عديدة وأهمها هي الفرصة التي يوفرها لنا التعلُّم من تجاربنا الخاصة والمشتركة واستخدام العقل الجماعي في الاستنتاج، من هذه الحسنات:

  • تدعيم عمليَّة التعلُّم النشط من خلال تأمين الفرص لكي يتعلَّم أفرادها بعضهم من البعض الآخر وذلك من خلال معالجة المشاكل والمهام بشكل تعاوني.
  • الكشف عن الطاقات الدفينة والكامنة لدى الأفراد حيث تنبع المساعدة وتولي المسؤوليات من أفراد المجموعة أنفسهم.
  • تشكيل ما يشبه وساطة لنشر الأفكار، حيث يكون أفراد المجموعة جاهزين للاستماع وإعطاء جملة من ردود الأفعال والآراء.
  • تقديم الدعم العاطفي من خلال مساعدة الأعضاء على تقويم أفكارهم وخبراتهم الخاصة والتخفيف من الشعور بالعزلة.
  • إدراك أن معظم الناس الآخرين يعانون مخاوف أو هموماً أو مشاعر بعدم الثقة بقدراتهم ،ومن ثمّ المشاركة في التغلُّب عليها.
  • التشجيع على المشاركة المنفتحة فيما بين أعضاء المجموعة بحيث تشكل المجموعة نموذجاً للعمل الوثيق مع الزملاء في مكان العمل ومع أهالي الأطفال مثلاً.

مطبّات:

إلا أن العمل الجماعي قد يكون صعباً. وفيما يأتي عدد من المطبّات التي يجب تجنُّب الوقوع فيها:

  • هناك حاجة إلى التخطيط الدقيق لضمان تعاطي المجموعة مع عملها بفاعليَّة، فإنّ وجود منسقٍ أو ميسّر للمجموعة يمكن أن يكون عاملاً مؤازراً أو مساعداً، خصوصاً في المجموعات الأكبر.
  • كثيراً ما تختلف توقعات ومستويات وعي أعضاء المجموعة.من المهم توضيح أهداف عمل المجموعة منذ البداية من أجل تخفيف حالات الغضب أو خيبة الأمل. وقد لاتكفي ورشة عمل قصيرة الأمد لتلبية جميع التوقعات، إلا أنه يمكن أن ترتب المجموعة سلسلة أطول من الأنشطة في فترة لاحقة.
  • تتفاوت ثقة الناس وقدراتهم على المشاركة في مجموعة. فبعض الأشخاص يتكلَّمون كثيراً والبعض الآخر غالباً ما يظل صامتاً. والجّميع يستحق الاحترام.
  • قد ينتكس عمل المجموعات ،حيث تحتدُّ النقاشات ،وتشتد حدة النقد وإطلاق الأحكام ومن المفيد هنا التركيز على الموضوع وتشجيع النقد البنّاء والتعليقات الإيجابيَّة والنقاط المشتركة.
  • يجب تكريس الاتفاق على المحافظة على الثقة والأمان بين أفراد المجموعة قبل الطلب من الأفراد مشاركة بعضهم بعضاً في الشؤون الشخصيَّة.
     

(المصدر:"رزمة المنشط في العمل مع الأطفال والناشئة من الفتيان والفتيات" صادر عن ورشة الموارد العربية).

الكاتب المُدرِّب يوسف دوارة