يخطئ المعلّم أحياناً حينما يعتقد بأنَّه بـ(العصا) يستطيع السيطرة على تلاميذه وأنه بها يستطيع أن يعدل سلوكياتهم.. وأنه بها يستطيع دفعهم إلى حفظ الدروس وحلّ الواجبات وترك سلوك ما أو تعديله للأبد..وللحقيقة فأنا.. في كل مرة أسمع أو أقرأ خبراً أو تتسلل إلى مجلسنا قصة معلم ضرب أحد تلاميذه فكسر يده أو شج رأسه أو سبّب له إعاقة، إلا وأتساءل في نفسي:  لماذا يصر المُعلِّمون على اتّخاذ العقاب حلَّاً سريعاً في مواجهة بعض المواقف السلبيَّة لتلاميذهم؟

إن حماقة بعض المُعلِّمين وتسرعهم في الإمساك بأداة الضرب (عصا، لي غاز... إلخ)، سينتج عنها نتائج غير محمودة العواقب ولكن أهم تلك النتائج في نظري والتي هي ردة فعل لإقدام المُعلِّم على ضرب التلميذ عندما يفقد الأخير محبة معلمه ومن ثمَّ يشعر بكراهية مواد تدريسه وربما كراهية المدرسة وينهدم جسر الاتصال بين قطبي العمليَّة التعليميَّة لأن التلميذ.. يرغب في مس العطف والحنان والحنو والرفق من معلمه وكما أخبرنا الحبيب المصطفى (لم يكن الرفق في شيء إلا زانه وما خلا من شيء إلا شانه) علاوة على فإنَّ المُعلِّم ينبغي له أن يتحلى بأعلى درجات الصبر خاصة وأنه يصادف في تعامله اليومي مع طلابه الكثير من المواقف الممزوجة بكثير من السلوكيات المُتنوِّعة تبعاً لظروف وشخصيَّة وحياة كل تلميذ من تلاميذه ومجتمع المدرسة ممتلىء بأنماط سلوكيَّة متباينة.

ومن الخطأ كل الخطأ أن يتعامل المُعلِّمون مع طلابهم (كطلاب فقط) دون أخذ ظروفهم المحيطة بهم في الحسبان فكم من طالبٍ أمضى ليله سهران حيران لم يغمض له عين لأن ساعات الليل مضت كلها في خصامٍ نشب بين أبويه وما يدري المُعلِّم أن هذا الطالب الذي لم ينجز واجبه أو لم يحفظ دروسه يعيش وسط أسرة مُفكَّكة بسبب طلاق وقع بين أبويه أو بسبب ظروف أسرته الاقتصاديَّة أو بسبب ظروف نفسيَّة تعيشها أسرته لأسباب مرضية أو ظروف أخرى قاهرة قد يجهلها المُعلِّم.

ولذا لا بد للمعلمين من أن يتفهموا أوضاع طلابهم وأن يدركوا أن لهم مشاعر وأحاسيس فهم أولاً وأخيراً بشر مثلما تحفزهم كلمات التشجيع وعبارات الثناء، فقد تكسر أحلامهم عبارات السخرية والتهكم وضربات العصا. وليتخيَّل أحدنا أن أحد أولاده (ابناً أو بنتاً وبنات) يُضرب في مدرسته أو يُهان من قِبَلِ معلمه فكيف ستكون ردة فعله؟

وفي هذا يقول ابن خلدون في مقدمته: "يجب على المُعلِّم في مُتعلِّمه والوالد في ولده ألا يستبدوا عليهم في التأديب".

فلنودع العصا والعقاب بأنواعه ولنجرب وسائل التحفيز والثواب وعلاج الأخطاء وفق الأساليب التربويَّة.. وأترك لكم الحكم بعد ذلك.