إن الطفل متفائل بالفطرة، ونادراً ما تجده متشائماً من شيء ما قبل أن يساهم شخص ما بزرع هذا التشاؤم. وعندما يريد أن يخوض أي شيء جديد لن تجد لديه حكماً مسبقاً، وكأنه يعتبر نفسه وبصدق جاهلاً، مما يجعل من عملية تعلمه سهلة ومثيرة ومُحفِّزة له. حقيقة قد تجد لديه تواضع العالم الحق. فهو لا توجد لديه أحكام مسبقة عن صعوبة في الموضوع أو أنه ممل أو غير مفيد أو غيره، فهو أرض جافة تتعطش للماء.

سيكون مفيداً أن يكون الشخص منفتحاً للجديد، مع أخذ الحذر اللازم منه، فهذا هو طريقه للمحافظة على جودة التعليم ونتائجه. ولابد أن نتذكر قاعدة "وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً" فلا نحكم على الأشياء بسطحية، بل ننظر بعمق إلى المعاني. إن الجديد ليس سيئاً بالضرورة، كما أنه ليس من الضروري أن يكون جيداً. فقط بالبحث والتجريب يمكن لك أن تستمر في التطور، مميزاً الغث من السمين، ومغنياً تجربتك الذاتية والمهنية والروحية. (مرض الأحكام المسبقة)

كيف يتم نقل وتشرُّب مبادئ التعلم السريع؟ إن أحدنا مهما أتى بوصفات ناجحة من أفضل طباخ يعرفه وحفظها وقام بكل ما يلزم ليتقنها، لا يتقنها إلا عندما يدخل المطبخ، ولو أنه تعلم مباشرة في المطبخ لكان الأمر أيسر وأسرع كذلك. إن أفضل عملية نقل وتشرُّب مهارة قيادة السيارة هي المباشرة بالقيادة رأساً. إذاً التدريب والتعلم السريع لمبادئ التعلم السريع هو المباشرة بالتطبيق والممارسة، ثم القيام بالتغذية الراجعة، بعدها المراجعة، ومن ثم التطبيق والممارسة مرة أخرى.

الإصطباغ في التعلّم: كلما كان الوضع النفسي والشعوري والجسدي والعقلي بعيش هاجس العلم والعمل معاً كلما كان التعلّم موفقاً أكثر، ورحم الله أولئك الذين كانوا يسمعون بالمسألة فيطبقونها لا يزيدون عليها شيئاً حتى تصبح عملاً من أعمالهم، ثم يتعلمون مسالة أخرى وهكذا. وكلما كان ديدن المرء ذلك أصبح زمانه ومكانه بيئة تعلّم، وانغمس كلياً في حالة التعلُّم وهو المدعو إليه بطلب العلم، وهو ما اصطلحنا أن نسميه الاصطباغ في التعلم. ورحم الله من قال: لا يسمى العلم علماً إلا عندما يكون القلب كانطباع البياض في البياض والسواد في السواد. يفكر عقله وينفذ جسده وتنتشي أحاسيسه بسعادة غامرة.

 

الدكتور محمد ابراهيم بدرة.

دار إيلاف ترين للنشر، كتاب التعلم الطبيعي، النسخة الأولى، المؤلف الدكتور محمد ابراهيم بدرة، 2012.


د. محمد ابراهيم بدره