إن الكيفيَّة التي سننجز بها درساً، يفترض، ديداكتيكياً، أن ننطلق من أهداف مُحدَّدة وكفايات مُحدَّدة، لاختيار وهيكلة المحتويات، وأن نستعمل طرائق وأنشطة تقود إلى بلوغ هذه الأهداف. إلَّا أنها تفرض أيضاً أن نختار ونوظِّف وسائل وتقنيات وأدوات، تساعد على تحقيق أهداف من دروسنا. فما أهمية هذه الوسائل في العمليَّة التعليميَّة التعلُّميَّة، في إطار الديداكتيك العام، ضمن المنهاج الدراسي؟ وكيف تطوَّرت عبر التاريخ قديما وحديثاً؟ للإجابة عن هذين السؤالين، نقدِّم لك مجموعة مختارة من الشهادات تبيِّن ذلك:

  • لقد نادى إيراموس (Eramus) (ق 15م) الهولندي: "أن يألف المُتعلِّم الأشياء والحيوانات بطرائق جديدة تختلف عن الطرائق السابقة، التي تعتمد على الحفظ والتسميع". وكان ينادي بتعلم المرء اللغات، لا عن طريق تعلم القواعد، ولكن عن طريق المحادثة واستعمال الأساليب.
  • كتب كومنيوس (John Amos Cominius) (ق 17) التشكوسلوفاكي، يقول: "يجب أن يوضع كل شيء أمام الحواس طالما كان ذلك ممكنا. ولتبدأ المعرفة دائما من الحواس".
  • لقد زعزع جان جاك روسو (Jacque Rousseau Jean) (ق 18) الفرنسي، عقائد كثيرة، كانت سائدة في التعليم وغيره، ودعا إلى تعليم كل ما يمكن تعليمه عن طريق الملاحظة المباشرة للأشياء الماديَّة والظواهر الطبيعيَّة، بدلاً من استخدام الكلمات وحدها. يقول مثلاً: "لماذا لا تبدأ بأن تعرض على المُتعلِّمين الشيء نفسه، لكي تمكنهم من أن يعرفوا على الأقل ما نتحدَّث عنه".
  • لقد أكَّد بيستلوتزي (Pestalozie) (ق19) السويسري: "أن الكلمات لا تعدو كونها رموزاً، وأنها خالية من المعنى ما لم تصحبها خبرات واقعيَّة. ويجب أن تبدأ الخبرات بإدراك الأشياء الماديَّة وبأداء الأعمال الماديَّة والانغماس في الانفعالات الواقعيَّة".
  • كان هاربرت يعتقد (J. F. Herbert) (ق 19) الألماني: "بأن الخبرة تبدأ بالإدراك الحسي للأشياء". وكان يقول : "إن نمو المدركات لا يتم إلا عن طريق ربط المدرك الجديد بالمدرك القديم".
  • أما فروبل (F. Frobel) (ق 19) الألماني، فقد نظم أفكار هاربرت وبلورها، وأكد أهمية اللعب في رياض الأطفال، وأقره على : "أن يحتوي منهج المدرسة على نشاط تطبيقي يناسب أعمار المُتعلِّمين". وأكد على أهمية الرحلات وملاحظة الطبيعة ملاحظة مباشرة، واستخدام الأشياء والأجهزة في نمو الفهم.
  • ترى المدرسة التقدُّمية (1920/ 1930) في فلسفتها، أن الهدف الرئيس للتعليم هو الفهم والتعبير، بعد أن كانت المدرسة الأكاديمية ترى أن التعليم تذكر وتعرف وتصنيف. وكان المنهج السائد في المدرسة التقدُّمية هو منهج النشاط القائم على مراكز اهتمام المُتعلِّمين، كدراسة موضوعات يطلبونها هم، بعد أن كان منهج المدرسة الأكاديمية قائماً على المواد النظامية، كقواعد اللغة والتاريخ والرياضيات. واهتمت المدرسة التقدُّمية، لتحقيق أهدافها، عدداً من الوسائل السمعيَّة البصريَّة، كالزيارات والرحلات، وكذا المسح والمعسكرات والمناقشات.
  • تهدف فلسفة مدرسة البيئة المحليَّة أو مدرسة المجتمع، ابتداءً من سنة 1940، إلى تحسين الظروف التي تحيط بالمدرسة عن طريق تعليم المُتعلِّمين السيطرة على الظواهر المحيطة بهم، وتنميَّة النزعات البنائية فيهم. وكان المنهج السائد في هذه المدرسة هو منهج النشاط القائم على مواقف الحياة الاجتماعيَّة.
  • ربما كانت أقوى دفعة لاستعمال الوسائل التعليميَّة، هي تلك التي حدثت في أثناء الحرب العالميَّة الثانية، عندما نجح إعداد الملايين من الجنود الأمريكيين، باستعمال الوسائل التعليميَّة، وبخاصة، الصور المُتحرِّكة والنماذج والمُصوَّرات.
  • تطوُّر الاختراعات وتنوُّع الوسائل التعليميَّة، مما أدى إلى وفرة الوسائل التعليميَّة وتنوُّعها، وصار من الممكن إنتاج كميَّات منها لا يستهان بها. واليوم، أصبح لزاما على المُدرِّس أن يستخدم الوسائل التعليميَّة بكثرة وكفاية متزايدتين.

1- مفهوم الوسائل التعليميَّة:

ليست الوسائل التعليميَّة، كما يعتقد البعض، مساعدة على الشرح فحسب، بل هي جزءٌ لا يتجزأ من العمليَّة التعليميَّة، أي من المنهاج الدراسي. لذا من الخطأ تسميتها "وسائل الإيضاح" كما هو شائع في جيل الأوساط التعليميَّة عندنا. ويقصد بالوسائل التعليميَّة جميع أنواع الوسائط التي تُستخدَم في العمليَّة التعليميَّة التعلُّميَّة لتسهيل اكتساب المفاهيم والمعارف والمهارات وبناء المناخ الملائم لتنميَّة المواقف والاتجاهات وغرس القيم.

فالوسائل التعليميَّة هي كل ما يعين المُدرِّس على تطوير منهجيَّة عمله والزيادة في مردوديته التربويَّة، وكل ما يعين المُتعلِّمين على إثراء خبراتهم وعقلنة أساليب تعلمهم، وهي تضم : الكتب المدرسيَّة والسبورات بأنواعها والنماذج والعينات والمُجسَّمات والخرائط الحائطية والشرائح (الشفافات) وأجهزة الإسقاط الخلفي وأجهزة الإبيسكوب والأفلام والراديو والتلفاز وأشرطة الكاسيت وأشرطة الفيديو والحاسوب، كما يمكن عَدُّ تجهيزات حجرة الدرس والحديقة المدرسيَّة والبيئة المحليَّة من الوسائل التعليميَّة.

ومن الضروري أن ترتبط الوسائل التعليميَّة ارتباطاً وثيقاً بالمنهاج الدراسي وتتكامل وإيَّاه، بحيث تصبح إحدى مُكوَّناته الأساسيَّة. ولقد ساهم التطوُّر التقني والتكنولوجي المعاصر في دعم اتجاه استخدام الوسائل التعليميَّة بشكل عام. وهو ما أصبح يعرف في العالم اليوم بتكنولوجيا التعليم.

2- الأهداف العامة للوسائل التعليميَّة:

نختار من الأهداف العامة للوسائل التعليميَّة ما يأتي:

  • تقدم للمُتعلِّمين أساسا ماديا للتفكير الإدراكي الحسي و تُقلِّل من استخدام ألفاظ لا يفهمونها.
  • تعمل على جذب انتباه المُتعلِّمين وتركيزه، وذلك لما تضفيه على الدرس من حيويَّة وواقعيَّة.
  • تثير اهتمام المُتعلِّمين وتشوقهم وتحثهم على الإقبال على الدرس بشغف.
  • تقدم خبرات واقعيَّة تدعو المُتعلِّمين إلى النشاط الذاتي وتضاعف من فاعليتهم وإيجابيتهم.
  • تنمي في المُتعلِّمين القدرة على الاستمرار في التفكير.
  • تساهم في نمو المعاني، ومن ثمة، في نمو الثروة اللفظيَّة.
  • تساهم في جودة التدريس بتوفير الوقت والجهد والزيادة في الوضوح.
  • تجعل ما يتعلَّمه المتعلمون من معارف ومهارات باقي الأثر.
  • تساهم في تخطي حدود الزمان والمكان.
  • تزيد في ترابط الأفكار والخبرات.
  • تساهم في ربط المدرسة بالحياة.
  • وعلى أساس هذه الأهداف، يكون إدماج الوسائل والأدوات التعليميَّة، منطلقاً من مبادىء أساسيَّة جديدة في التعليم، وهي:
    • إن الوسائل التي نختارها تلائم المحيط السوسيو ثقافي للمُتعلِّمين.
    • هذه الوسائل مُتعدِّدة الاستعمال، تمكننا من التبليغ والتلقين، مثلما تمكننا من التحليل والتركيب...
    • إنها وسائل، يجب أن تكون متمركزة حول المُتعلِّم. فهو الذي يجب أن يستعملها أو يقترحها أو ينتجها. وليست مجرد تحفة ينظر إليها من بعيد.

فالوسائل التعليميَّة إذاً ليست مجرد أدوات، بل هي ذات وظيفة ثلاثية الأبعاد، حيث تؤثر في سلوك كلٍّ من المُدرِّس وكذلك تؤثر في المُتعلِّم وأهداف الدرس.

3- أنواع الوسائل التعليميَّة وتصنيفها:

لقد تطوَّرت الوسائل التعليميَّة تطوراً كبيراً في وقتنا الحاضر. وقد رتبها إدجار ديل (Edgard Dal) العالم والمربي الأمريكي، طبقا للخبرات التي يمر بها المُتعلِّم، على شكل هرم، يحتوي على عشر طبقات (10) مرتبة بحسب أهميتها وفعاليتها في عمليَّة التعليم والتعلُّم ويسمى هرم الخبرة، ويمكن تجسيده فيما يأتي:

  • خبرة مُجرَّدة (مجردات):
    • الرموز اللفظيَّة.
    • الرموز البصريَّة.
  • خبرة مصورة (مشاهدات): 
    • الصور الثابتة والتسجيلات الصوتيَّة والراديو.
    • الصور المُتحرِّكة، الأفلام، والتلفزيون، والفديو.
    • المعارض والمتاحف.
    • الزيارات والرحلات الميدانيَّة.
    • التوضيحات العمليَّة.
  • خبرة مباشرة (ممارسات):
    • الخبرات الممثلة،
    • الخبرات المعدلة،
    • الخبرات المباشرة الهادفة.

وقد قسم آل ياسين محمد حسين، الوسائل التعليميَّة إلى نوعين رئيسين :

  • الوسائل النظريَّة أو اللفظيَّة ( غير البصريَّة): وتتضمَّن الوصف وضرب الأمثال والقصص وسرد الأحداث التاريخية والتشبيه والقياس.
  • الوسائل الإيضاحية البصريَّة: وتدعى بالوسائل المحسوسة أو الملموسة، ومن طبيعتها، مساعدة الحواس الخمس على تقوية المدركات، وجعل التعلُّم أكثر إتقانا. وتتضمَّن الصور الفوتوغرافية وغيرها، والخرائط والرسوم والخطوط البيانيَّة، ولوحات الإعلانات، وكذا المختبرات والتجارب العلميَّة واستخدام الأجهزة والأشياء والنماذج؛ من حيوانات ونباتات وحبوب وأحجار ومعادن وغيرها.

4- اختيار الوسائل التعليميَّة:

إذا قلنا سابقاً، إنَّ الوسائل التعليميَّة ليست مجرد أدوات، بل هي ذات وظيفة ثلاثية الأبعاد (سبق تحديدها أعلاه). من هنا، يمكن أن نقول: إن المُدرِّسين مدعوون إلى اختيار وسائل وأدوات تلائم الأهداف التي حددوها. ولكن ما معايير هذا الاختيار؟ 

لقد وضع جيرلاش و إيلي (Gerlache et Ely) معايير لاختيار الوسائل التعليميَّة كالآتي:

  • الملاءمة: وهي أن تكون الوسائل المنتقاة تلائم المهام المراد إنجازها.
  • درجة الصعوبة: وهي أن يمكن للمُتعلِّمين استعمال هذه الوسائل بسهولة.
  • التكلفة: وهي أن يكون ثمن الوسائل والأدوات يعادل النتائج المحصل عليها.
  • متوافرة: وهي أن يكون هذه الوسائل متوافرة حين نحتاج إليها.
  • القيمة التقنيَّة: وهي أن تكون الوسائل صالحة تقنيا من حيث وضوح الرؤية أو السماع أو غيرها.

إن هذه المعايير لاختيار الوسائل التعليميَّة تحتاج إلى مجموعة من الشروط التي تتحقق انطلاقاً من لحظة الإدماج ونمط الاستعمال، من خلال الوظيفة التي ستؤديها الوسائل في سياق الأهداف المُخصَّصة للحصة. هنا يمكن أن نقول: إن الاختيار لا يتم وفق الإمكانات المتوافرة فقط، وإنما يراعى في الاختيار الأهداف المُحدَّدة من قِبَلِ، طبيعة ونوعيَّة المضمون ومستوى المُتعلِّمين الإدراكي، من أجل تحقيق التواصل المنشود. كما أن مشكل اختيار الوسيلة التعليميَّة يفترض موقفا جديداً من المُدرِّس وفهما جديدا للدور المنوط به تفاديا للعشوائيَّة.

على هذا الأساس، يمكن تحديد شروط اختيار الوسائل التعليميَّة بشكل إجرائي فيما يأتي :

  • للتشويق والإيثار(motivation).
  • للتحسيس (sensibilisation).
  • للإخبار (information).
  • للتوضيح (illustration).
  • للملاحظة (observation).
  • للتأكُّد (verification).
  • للتجريب (experimentation).
  • للاستدلال (demonstration).
  • للاستنتاج أو لتركيب المفاهيم (syntheses- conclusion).
  • للتقويم (evaluation).

5- قواعد استخدام الوسائل التعليميَّة:

هناك مجموعة من القواعد العامة التي يجدُر بالمُدرِّسين مراعاتها عند استخدام الوسائل التعليميَّة. وهذه القواعد هي:

  • تحديد الهدف: يجب أن يكون الهدف واضحاً في ذهن المُدرِّس، وأن يعرف الدور الذي ستؤديه الوسيلة في العمليَّة التعليميَّة، فقد تستعمل الوسيلة الوحيدة لأكثر من هدف وفي أكثر من مادة. وعلى ذلك، فقد يستخدم المُدرِّس الوسيلة التعليميَّة لإثارة المُتعلِّمين أو لتقديم مادة تعليميَّة أو لشرحها شرحاً تفصيلياً أو لتلخيصها أو للمراجعة أو للموازنة والربط أو الاختبار، وهكذا.
  • تجربة الوسيلة واختيارها: لكي تكون فرص اختبار المُدرِّس للوسائل التعليميَّة كبيرة لابد من أن يتعرف ما يهمه من الوسائل المتوافرة، والتي يجب التفكير فيها من قبل. ولكي يحكم المُدرِّس حكماً دقيقاً على صلاحية الوسيلة وفعاليتها، لابد له من قيامه بدراستها وتجربتها قبل استخدامها في الدرس. ومهما اعترضت المُدرِّس صعوبات. تحول دون ذلك، فإن معرفة تفاصيل الوسيلة التي ينوي استخدامها أمر واجب لا محل للعذر فيه.
  • الاستعداد: إن الاستعداد لاستخدام الوسيلة لا يقل أهمية عن استخدامها الفعلي، بل إنَّه قد ييسر عمليَّة الاستخدام. وهذا الاستعداد يختلف من وسيلة إلى أخرى، ومن مرحلة تعليميَّة إلى مرحلة تعليمية أخرى.
  • استخدام الوسيلة في الموعد المناسب: تُستخدَم الوسيلة في اللحظة السيكولوجية المواتية، أي عندما يتهيأ المُتعلِّمون لتقبلها، بحيث تتلاءم مع باقي خطوات الدرس. بذلك يكون استخدام الوسيلة وظيفياً، لا لمجرد اللهو والتسلية. وهذا يتطلَّب أن تكون الوسيلة معدة عندما يأتي دورها في الدرس.
  • استخدام الوسيلة في المكان المناسب: يرتبط استخدام الوسيلة في اللحظة السيكولوجية باستخدامها في المكان المناسب. إنه المكان الذي يسمح بتسلسل الأفكار وحسن تقديم الدرس وإفادة المُتعلِّمين.
  • تماسك الخبرات: من المفيد أن يقوم المُتعلِّمون بالإسهام الإيجابي في الدرس في أثناء استخدام الوسيلة، إذ إنَّ ذلك يتيح لهم فرص التعبير عما في نفوسهم، واستجلاء الغامض عنهم، والربط بين الخبرات التي يمرون بها. إذ لا معنى لتدريس درس بخبرات مبعثرة متناثرة. إنما من المستحب أن يساعد المُدرِّس تلامذته على أن يكون تفكيرهم متصلا متماسكا مترابطا.
  • المتابعة: لا ينتهي استخدام الوسيلة بانتهاء عرضها، إنما يجب التأكُّد من استفادة المُتعلِّمين منها وفهمهم محتوياتها بدقة وربطهم، من خلالها، بما سبق عرضه في الدرس من خبرات وحسن الاستنتاج واستقامة التفكير.
  • تكرار استخدام الوسيلة: يمكن تكرار استخدام الوسيلة في حالة احتمال استفادة المتعلمين أكثر لو استخدمت مرة أخرى. فقد يكون من المناسب أن تعرض الوسيلة مرة واحدة أو مرتين أو تعرض مرة ثم تُستخدَم وسيلة أخرى تكميلية. والمهم هو أن يتحاشى المُدرِّس التكرار لغرض التكرار ذاته.
  • التنويع: أن يتحاشى المُدرِّس استخدام نوع واحد من الوسائل بكثرة واستمرار، حتى لا تؤدي إلى سأم المُتعلِّمين ونفورهم، وألا يحشو الدرس الواحد بعدد كبير من الوسائل، مما لا يتحمَّله وقت الدرس وأذهان المُتعلِّمين.
  • طبيعيَّة الوسيلة: ألا تعوض الصور والنماذج الجامدة ما يمكن الحصول عليه حقيقيا أو حيا أو طريا أو طبيعيا ، كالزيارات الميدانيَّة أو النباتات والحيوانات وأعضاؤها، أو عينات من الصخور والمعادن والعظام والنقود والحبوب. يقول في هذا الصدد المربي الأمريكي سيغان: "لا تعلم في الداخل ما يمكن أن تعلمه في الخارج، ولا تعلم في الكتب ما يمكن تعلمه في الطبيعة، ولا تعلم أشياء بوساطة الطبيعة الجامدة (رسوم) ما تستطيع معاينته حيا في الطبيعة".
  • سهولة الوسيلة: ألَّا تكون معقدة الاستعمال.
  • الوضوح: أن تكون واضحة تتلاءم والمضمون المراد تبليغه.

6- كيفيَّة استعمال الوسائل التعليميَّة أو ديداكتيكية استعمال الوسائل التعليميَّة:

هناك أهداف مُتعدِّدة لاستعمال الوسائل التعليميَّة، تختلف باختلافها. إلا أننا نريد أن نركز في هذا المجال على الأهداف والوظائف المشتركة بين كل الوسائل والأدوات، إذ إنَها يمكن أن توظف لهذا الجانب أو ذاك. وعلى هذا الأساس، يمكن أن تستعمل لما يأتي :

  • تعرُّف معطيات معينة: كأن تقدم للمُتعلِّم مجموعة من الأحجار وتطلب منه أن يُميِّز تلك التي تشتمل على خصائص معينة، درسها سابقا.
  • التسمية: تهدف الوسيلة هنا إلى تسمية عناصر أو أشياء، كأسماء العظام في هيكل عظمي بشري أو أسماء المدن في خريطة بلد معين.
  • الوصف: وصف عناصر أو بنيات أو أجزاء. مثل توظيف رسم بياني في وصف معطيات أو توظيف مجهر لإظهار عناصر ظاهرة طبيعيَّة.
  • الترتيب: توظف الوسائل والأدوات لترتيب معطيات أو تنظيمها في أقسام معينة، كاستعمال جدول لتصنيف كلمات تنتمي إلى حقل معين.
  • التحليل: هو استعمال الأدوات قصد عزل عناصر من إطار كلي أو تمييزها أو تحديدها، كاستعمال أدوات لعزل ظاهرة كيميائية.
  • التركيب: وهو استعمال أدوات ووسائل من أجل تركيب أو مزج معطيات أو أشياء، كالأدوات المُوظَّفة لتركيب ومزج عناصر كيميائية.
  • المهارات الحركيَّة: الوسائل والأدوات هنا، مستعملة لذاتها، من أجل تطوير مهارات حركيَّة لدى المُتعلِّم. وفي هذه الحالة، فإن الأداة أو الوسيلة هي المقصودة بالتدريس، كأدوات الرياضة مثلاً.

إذا تأملنا هذه الاستعمالات في مجال إدماج الوسائل التعليميَّة، وجدنا أن الأهداف المقترحة للدرس توحي مباشرة بنوعيَّة أهداف الدرس المراد بلوغها، بحيث إنَّ المُدرِّس يمكنه أن يربط بين الهدف من الدرس والهدف من استعمال الوسيلة أو الأداة. لذا، فتبليغ معارف أو اكتسابها كأهداف لدرس معين، يفترض اختياراً واستعمالاً معينا للوسائل التي ينبغي أن تنسجم ونوعيَّة الأهداف المراد تحقيقها لدى المُتعلِّم.

من يستعمل الوسائل والأدوات التعليميَّة؟

إن مسـألة تحديد الوسائل والأدوات التعليميَّة واستعمالها، تختلف باختلاف العلاقة البيداغوجيَّة بين المُدرِّس والمُتعلِّمين.

  1. ففي الطريقة الإلقائية، يشكل المُدرِّس وسطا بين الوسائل والمُتعلِّم، حيث يقدم المُدرِّس المعطيات جاهزة مستعملا صوراً توضيحيَّة، يكتفي المُتعلِّمون برؤيتها دون أن يساهموا في إنتاج التجربة أو استعمال الأداة (درس يتعلَّق بالطريقة التي تتغذى بها حشرات معينة: المُدرِّس هنا، وضع رسوما لحشرات ثم كتب أمام كل رسم نوع المواد التي تتغذى بها هذه الحشرات).
  2. أما في الطريقة الفعَّالة (الحوارية والعمل الجماعي والبحث والمهام) فالمُتعلِّمون هم الذين أثاروا المشكلة بأنفسهم، وهم الذين أنجزوا التجربة وبحثوا عن أدوات تساعدهم على إنجازها.

متى تستعمل الوسائل التعليميَّة؟ أو ما الكثافة التي تستعمل بها الوسائل ؟

إن كثافة استعمال الوسائل والأدوات التعليميَّة، تلائم الجوانب الآتية:

  1. وسائل سائدة: تسيطر على إنجاز الدرس من أوله إلى آخره، بحيث إنَّها هي المحور الذي يتم إنجاز الدرس بوساطتها.
  2. وسائل معززة: وهي ليست محورية في الدرس، بل هي وسيلة نستند إليها للفهم أو التطبيق أو التحليل، في مقطع من مقاطع الدرس.
  3. وسائل مُكرَّرة: وهي وسائل نستعين بها لتكرار بعض العناصر من الدرس. إنها تأتي عند نهاية مقطع لإعادته أو تكراره. فقد يستعمل مُدرِّس نصا مساعدا لإنجاز درسه. هذا النص المساعد يمكن أن نستعمله للمعرفة والفهم والتطبيق على القاعدة (وسيلة سائدة)، مثلما يمكن أن نستعمله في مقطع الفهم لشرح معطيات معينة (وسيلة معززة). ويمكن أن نستعمله بعد نهاية الدرس، من أجل شرح وتوضيح معطيات سابقة، نريد تكرارها(وسيلة مُكرَّرة).

وأخيراً، تتوقف الاستفادة من الوسائل التعليميَّة على تمكن المُدرِّس من تقنيات ديداكتيكية الوسائل التعليميَّة وأسلوبه الواعي في استخدامها، وكذا على مدى إشراك المُتعلِّمين في ذلك. فدور المُدرِّس يتمثل في تهيئة المناخ المناسب للتعليم والتعلُّم وتحديد الهدف من استخدام الوسيلة. ولكي يتحقق المُدرِّس من أن الوسيلة كانت ناجعة، يجب أن تعقب عمليَّة استخدامها فترة للتقويم، يتأكَّد من خلالها أن الأهداف التي حددها قد تحقَّقت، وأن الوسائل التي اختارها تتناسب مع هذه الأهداف.

المراجع

  • تحليل العمليَّة التعليميَّة . محمد الدريج. منشورات مجلة الدراسات النفسيَّة التربويَّة. 1983.
  • المبادئ الأساسيَّة في طرائق التدريس العامة . آل ياسين محمد حسين. بغداد. 1974.
  • الوسائل التعليميَّة. إبراهيم مطاع . مكتبة النهضة المصرية، القاهرة. 1979.
  • وسائل وتيكنولوجية التعليم. محمد زياد حمدان. دار التربية الحديثة. 1980.
  • الوسائل التعليميَّة. مرجع عملي. وزارة التربية الوطنية. مطبعة المعارف الجديدة، الرباط. 1988.
  • الوسائل التعليميَّة، إعدادها وطرائق استخدامها. بشير عبد الرحيم الكلوب. دار إحياء العلوم، بيروت. 1989.
  • التيكنولوجيا في عمليَّة التعلُّم والتعليم. بشير عبد الرحيم الكلوب. دار الشروق للنشر والتوزيع، الأردن.1993.
  • المدخل إلى تيكنولوجية التعليم. أحمد حامد منصور. دار الكتب المصرية. 1992.