كتب الأستاذ (سهيل أحمد درويش) التعلُّم السريع عمليَّة فائقة، ومهارة تحتاج إلى دراية عالية المستوى بالنفوس والأرواح لتصب في قالب واحد، إنها وباختصار عمليَّة هيكلية وفلسفة متكاملة عن الحياة والتعلم.

عندما نستطيع التعامل والعمليَّة على أنها سلوك حياتي فعَّال وعندما نقتنع بأن التعلُّم يتوافق مع عفوية الإنسان وطبيعته فإن ذلك يعني أننا فهمنا جوهر التعلُّم السريع المرتبط ليس بقاعة الصف وإنما بالحياة فالتفاعل مع الآخرين بمرح من خلال الانغماس الكامل لحواسنا وجسدنا في عمليَّة التعلُّم، فمعادلة (30/70) تحقق الهدف، وعَدُّ الطالب محوراً للعمليَّة التعليميَّة يشكل أساساً جوهرياً لعمليَّة التعلُّم، والنظر إلى الطالب على أنه إنسان مبدع خطوة مُتقدِّمة جداً بل هي خطوات، واعتماد العمل الجماعي المشترك محطة هامة، والوجبة المُتنوِّعة وتقديم مايحب الطالب أن يتعلَّمه حافز آخر من شأنه أن يكمل العمليَّة، ولكن الإطار الجوهري "تقديم كل ذلك بروح مرحة" فالروح المرحة تساعد على بناء جو من التآلف والإنسجام بين كل أطراف عمليَّة التعلُّم والتعليم، "الطالب والمُدرِّس والبيئة والمجتمع" وتبادل دور القائد بين الطالب والمُدرِّس سيمفونية رائعة تعزف على وتر حساس في عمليَّة التعلُّم.

وهذا ما توصَّلت إليه بشكل عملي من خلال تجربتي مع طلبتي ومن خلال عملي بمبادئ التعلُّم السريع في كل الحصص الدراسيَّة وبخاصة في درس أطلقنا عليه (أنا وطلبتي) عنوان (بنك المصادر والمشتقات) حيث وصل التفاعل بين الأطراف إلى حد كبير، وسادت الروح التي من شأنها أن تحقق أهدافاً تعليميَّة عالية الجودة وفي زمن قياسي، حيث حولت قاعة الصف إلى ما يشبه "البنك" ووزعت الأدوار على الطلبة بين زبائن للبنك ومُوظَّفين يقومون بمختلف الأدوار التي يقوم بها مُوظَّفو البنوك "صرف شيكات-إقراض تحويل... إلخ".

فبعض الزبائن دخل إلى "بنك المصادر والمشتقات"، "ليصرف شيكاً" ببعض الأفعال الثلاثية والرباعية والخماسية والسداسية وتحويلها إلى مصادر بغية كتابة قصة.

وبعضهم الآخر دخل ليقترض بعض المشتقات، كاسم الفاعل واسم المفعول وصيغ المبالغة واسم التفضيل وأسماء الزمان والمكان واسم الآلة... "للحاجة إليها في كتابة نص مسرحي في موضوعات مختلفة، وضمن شروط قد وضعها البنك حيث كان الإقراض يرتفع بما يتناسب مع المردود الاقتصادي الذي يمكن أن يتحقق من خلال توزيع قصة مؤلفة، أو عرض مسرحيَّة على جمهور.

لقد لاحظ الطلبة أننا عندما ربطنا موضوع المصادر والمشتقات بالحياة المعاصرة وتعاملنا مع الموضوع بإسقاطه على "بنك" كان المردود جيداً وكانت مخرجات التعلُّم في مستوى رائع، فقد وضع الطلبة في جو يتمناه أغلبهم "الغنى" من خلال التعامل والبنك... فالبنك لا يقرض إلا إذا تحقق الربح المادي وربح البنك يتناسب طرداً مع ربح كلّ طالب قرض، فالبنك لا يستثمر في مشروع خاسر، وهذه القاعدة جعلت كل طالب يضع خطة ليكون مشروعه ناجحاً بكل  المقاييس إذ قدمت مجموعة من النصوص القصصية والمسرحيَّة التي وظّف من خلالها الطلبة ما اقترضوه من البنك من أفعال ثلاثية ورباعية وخماسية وسداسية ومن مشتقات في أفكار رائعة ومضامين جذّابة يمكن أن تحقق العائدية الربحية من خلال نشرها كقصص قصيرة أو من خلال تقديمها كمسرحيات على خشبة المسرح، كما حوّل بعض الطلبة قصصهم إلى مسرحيات وذلك عندما نظروا إلى أحد أقسام البنك الذي أطلق عليه اسم "التحويلات"، ومن خلال المهارات التي اكتسبوها مهارة تحديد الأفعال بأنواعها واستخراج مصادرها واستكشاف المشتقات والتمييز بين أنواعها، وتحويل اسم الفاعل إلى صيغ مبالغته وتحويل اسم الفاعل إلى اسم مفعول وبالعكس.

إن جعل التعلُّم السريع نمطاً من أنماط الحياة من شأنه أن يبني جواً من التفاعل المثير بين أطراف العمليَّة التعليميَّة، كما أن من شأنه أن يبني روحاً إيجابيَّة داخل البيئة الصفيَّة تعتمد على العمل التعاوني المشترك في جزء كبير منه، كما يؤمن تنوعاً يشبع الذكاءات المُتعدِّدة لدى الطلبة "السمعي والبصري والحسي والفكري...".

ومن هنا فإننا نشعر بمسؤوليَّة كبيرة بوصفنا معلمين تجاه طلبتنا، فدورنا بوصفنا معلمين يجب أن ينطلق من خلال شعورنا بهذه المسؤوليَّة لنكون مبدعين وفعَّالين في محاولات منا لتحفيز طلبتنا إلى أن يكونوا مبدعين وخلاقين.